قالت الناشطة الحائزة على جائزة نوبل للسلام، توكل كرمان، إنه يجب أن يكون نضالنا في المرحلة المقبلة لتحرير القرار اليمني من الوصاية.
وأكدت توكل كرمان في كلمة لها بمناسبة الذكرى الستين لثورة 14 من أكتوبر، أنه "لن نتمكن من إسقاط كلا الاحتلالين الداخلي والخارجي دون قرارٍ يمني حر ومستقل".
وأضحت كرمان أنها أرادت بكلمتها في هذه المناسبة التذكير بهدف ثورة أكتوبر الأساسي، وهو الاستقلال وطرد المحتل، مشددة على أنه "لا مصالحة مع محتل ولا خضوع لإرادته، فاليمن بلد مستقل وسيادته ليست أمرا يحتمل المساومة".
وجددت كرمان التأكيد على عظمة وواحدية ثورتي سبتمبر وأكتوبر المجيدتين، في سبيل التحرر من الإمامة والاستعمار، مشيرة إلى أن الحاجة اليوم ملحة لاستلهام روح الثورة، ورفض استلاب السيادة والقرار الوطني.
وتابعت كرمان "المهمة الأولى التي تقع على عاتق الجميع هي رفع الاحتلال والوصاية السعودية - الإماراتية، والمضي في إنهاء انقلاب مليشيا الحوثي، والحفاظ على المكتسبات الوطنية، وفي مقدمتها الجمهوريةُ والوحدة والمواطنة والحريات".
وأشارت توكل كرمان إلى أن اليمن يتعرض لأبشع مؤامرة تستهدف وحدته ووجوده وكرامته
لكن كرمان أكدت أن ثورة أكتوبر لم تعلمنا الخضوع أو الهوان أو التفريط في أرضنا وأن اليمن لا ينبغي أن يكون تحت رحمة أحد أو تحت الوصاية.
وأعادت كرمان القول إن "الطغاة يجلبون الغزاة والانقلابات على إرادة الشعب لا تثمر إلا العملاء".
وأضافت كرمان: "نحن بلد ثوراته قامت ضد الطغاة الذين يتلبسون دثار الدين وضد الاحتلال الذي يعتقد أنه وجد أرضا بلا شعب".
ولفتت كرمان إلى أن شعبنا حر ولا يليق به إلا العيش موفور الكرامة والحرية وكل شيء يخبرنا أن موعدنا النصر القريب.
وأوضحت توكل كرمان أن المواجهة، التي تدور بين أبناء البلد وبين المحتل والمستعمر، لها نتيجة واحدة وهي انتصار أبناء البلد.
وأشارت إلى أننا نواجه مليشيا ذات طبيعة عنصرية تملك إرثا معاديا للكرامة الوطنية ومعها يحضر الاحتلال.
وقالت كرمان إنه "بات واضحا لدى اليمنيين أن دولا مثل الإمارات والسعودية تمارسان أبشع ممارسات الاحتلال".
وأشارت كرمان إلى أنه من العار أن يحتفل البعض بذكرى ثورة أكتوبر ضد المحتل وهو ما يزال مدافعا أو عاشقا للاحتلال السعودي الإماراتي الجديد.
وترى كرمان أن واحدية الثورة اليمنية مسألة لم تكن محل نقاش ولم يعد هناك مجال لتحريف الكتاب عن مواضعه.
وتابعت كرمان: "الترابط والتعاضد بين ثوار سبتمبر وأكتوبر كان باختصار تعبيرا عن الإيمان باليمن الواحد والكبير".
وأكدت كرمان أنه عندما نمتلك قرارنا يمكن أن ننهي هذه الحرب وهذا الانقلاب في غضون أسابيع أو شهور، وهو ما سنفعله.
وخلصت كرمان إلى القول إنه "لا مصالحة مع محتل ولا خضوع لإرادته، فاليمن بلد مستقل، وسيادته ليست أمرا يحتمل المساومة".
وفيما يلي نص الكلمة:
السلام على أكتوبر..
وآل أكتوبر
السلام على الذين كسروا غرورَ الامبراطوريةِ التي لا تغيبُ عنها الشمس، وصنعوا تاريخا لأنفسِهم ولشعبِهم ولليمن الكبير.
السلام على فتيةٍ أمروا المجدَ فاستجابا،
..
السلام على أبطالِ وبطلاتِ ثورةِ الرابع عشر من أكتوبر المجيدة، الذين لم تلنْ لهم قناة، ولم تغرَّهم حياة، ولم يهادنوا الغزاةَ، أو يُحنوا الجباه.
شعبُنا اليمنيُ في الداخل وفي بلادِ المهجر..
نحيي الذكرى الستين لثورة الرابع عشر من أكتوبر المجيدة، وبلادُنا تمرُ بمرحلةٍ دقيقةٍ ومحزنة، لكننا لن نيأسَ، ولن نرفعَ الرايةَ البيضاء، لأن ذلك ضد طبيعِتنا، وضد طبيعةِ روحِ أكتوبرَ الأبيةِ التي تأبى الضيم، والتي ترفضُ الاستكانةَ وموالاةَ الأجنبي. نحيي هذه الذكرى، ويمنُنا الحبيبُ يتعرضُ لأبشعِ مؤامرةٍ تستهدفُ وحدتَه ووجودَه وكرامتَه.
لا تصدّقوا الذين يجزئون المبادئَ ويحرفون مسارَ المعركةِ ويبنون مجدَهم الشخصي على حسابِ الثوابتِ الوطنية. نعم، وبكلِ وضوح اليمنُ بلدٌ مثلُ جميعِ البلدانِ لديه كيانُه وثوابتُه وحرماتُه، وليس بلدا بلا صاحبٍ أو شعبٍ أو تاريخ. من المؤسف أن يكونَ هناك من بين اليمنيين من يتصرفُ بروحٍ انتهازيةٍ أو بانكسارٍ أمام الآخرين، هذا الأمرُ يدعو للرثاء، ومحزنٌ جدا. فثورةُ أكتوبر لم تعلّمْنا الخضوعَ أو الهوانَ أو التفريطَ في أرضِنا، لقد قامت ثورةُ أكتوبر لتعيدَ الأمورَ إلى نصابها، اليمنُ لا ينبغي أن يكونَ تحت رحمةِ أحد، أو يكونَ تحت الوصاية، اليمن بلدٌ مستقل، يجدرُ بنا أن ندافعَ عن علمِه وترابِه واستقلالِه، هكذا تفعلُ الشعوبُ الحرة، أما الذين أصبحوا أداةً بيد الأجنبي فلا يهتمون بهذه المعاني الجليلةِ السامية.
الأخوة والأخوات الكرام..
الطغاةُ يجلبون الغزاة، والانقلاباتُ على إرادةِ الشعب لا تثمرُ إلا العملاء، هكذا يخبرنا التاريخ، كما يخبرُنا أيضا، أن لا أحدَ بمنأىً عن غضبةِ الشعب. الناسُ على دينِ ثوراتِهم، ونحن بلدٌ ثوراتُه قامت ضد الطغاةِ الذين يتلبسون دثار الدين، وضد الاحتلالِ الذي يعتقدُ أنه وجد أرضا بلا شعب، وضد الاستبدادِ وتأبيدِ الحكمِ دون وجه حق.
شعبُنا حرٌ ولا يليقُ به إلا العيشُ موفورَ الكرامةِ وإلا الحرية، هذه ليست شعاراتٍ كاذبة، ولكن كلُ شيءٍ في اليمن يخبرُنا أن موعدَنا النصرُ القريب مهما كانت التحدياتُ ومهما كانت المؤامرات.
لقد انطلقت من جبالِ ردفانَ الشامخةِ الشرارةُ الأولى لثورة أكتوبرَ المجيدة، لقد كانت هذه الشمسُ التي محقت شمسَ بريطانيا، فالمواجهةُ التي تدورُ بين أبناء البلد وبين المحتل والمستعمرِ لها نتيجةٌ واحدة، نعم نتيجةٌ واحدة، وهي انتصارُ أبناء البلد، يقالُ تحاربُ الأرضُ إلى جانبِ أبنائِها، ويصحُ أن يقالَ إن الأرضَ لا تخونُ أبناءَها مهما أُلقي عليها من ذهبٍ وفضة. أود أن أقولَ للبعض الذي يترحمُ على المستعمرِ لأنه قام ببناء عمارةٍ هنا وقام برصفٍ طريقٍ هناك، لا يجدرُ بكم ذلك، لأن هذا المحتلَ كان ينتهكُ السيادةَ والكرامةَ وكان يتعاملُ مع المواطنين بصلفٍ وغرورٍ وتجبر، وقد وثّق التاريخُ انتهاكاتِ المحتلِ وجرائمَه، وحتى من دون أن يكونَ هناك جرائمُ وانتهاكاتٌ واستنزافٌ للموارد، فإن الاستقلالَ الوطنيَ موضوعٌ غيرُ قابلٍ للمساومة.
إن الذين لا يملكون مبادئَ عليا ولا يدركون معنى الوطن، ومعنى أن يكونَ الوطنُ حرا مستقلا، هم أشخاصٌ باعوا أنفسَهم وارواحَهم للشيطان، ودائما ما يخسرون ويُهزمون.
في كلِ العالم، يوجدُ من يحتفي بالمحتل، ويمنحُه كلَ المبررات، لكن كلُ شيءٍ يسقط، لا يبقى مرفوعا إلا رايةُ الاستقلال.
اليوم، نواجهُ مليشيا ذاتَ طبيعةٍ عنصريةٍ تملكُ إرثا معاديا للكرامة الوطنية، عندما تحضرُ هذه المليشيا يحضرُ معها الاحتلال، هكذا تجري الأمورُ دائما، الإمامةُ في خدمة المحتلِ الخارجي، والمحتلُ الخارجي يوفرُ كلَ أسبابِ البقاء للإمامة.
اليومَ بات واضحا لدى اليمنيين، أن دولا مثل الإمارات والسعودية يمارسان أبشعَ ممارساتِ الاحتلال، أنشأوا سجونا ومعتقلاتٍ سريةً داخلَ الأراضي اليمنية، وقامت باقتطاعِ درةِ تاجِ الجزرِ اليمنية، جزيرةِ سقطرى وموانئِها وسواحلِها ومنابعِ النفط والثروةِ ومناطقَ أخرى وقامت بإنشاءِ قواعدَ عسكريةٍ في بعض الجزرِ الأخرى، وتعيينِ عملائِهم ليكونوا مسؤولي ومالكي القرار على اليمن وهم مرتهِنين كليةً لهم، وقامت باغتيالِ وإقصاءِ الشخصيات التي يعارضون سياستَهم في اليمن.
إن من العار حقا ومن غيرِ المنطقي أن يحتفلَ البعضُ بذكرى ثورةِ الرابع عشر من أكتوبر ضد المحتل، وهو ما يزال مدافعا أو عاشقا للاحتلالِ السعوديِ الاماراتي الجديد، هذا تناقضٌ أساسي، ويثيرُ السخرية. ينبغي أن يحددَ كلُ شخصٍ منا موقعَه ومكانَه، وأيًا كان الخيارُ الذي سوف تتخذُه، ينبغي أن تعلمَ أنه لا مستقبلَ للاحتلال، وعندما يكونُ في اليمن، يصبحُ الأمرُ واضحا وضوحَ الشمسِ في رابعةِ النهار فاليمن قديما وحديثا وعبر التاريخِ مقبرةُ الغزاة.
أبناءَ شعبِنا العظيمِ في الداخل والخارج..
إن واحديةَ الثورةِ اليمنيةِ مسألةٌ لم تكنْ محلَ نقاش، حتى هجم علينا المرتهنون للأجنبي يريدون أن يقدّموا روايةً مخالفةً للحقيقة، ظنا منهم أن صنعَ تاريخٍ جديدٍ مزورٍ سوف يقرّبُهم من تحقيق أوهامِهم في تقسيمِ اليمنِ وأحلامِ المحتلِ في تقسيمِ اليمن. هذا محال، الثوارُ ثوارُ الرابع عشر من أكتوبر وثوارُ السادس والعشرين من سبتمبر قالوا الحقيقة في وقتها، أغلقوا الكتابَ على حقيقةِ واحديةِ الثورة اليمنية، ولم يعد هناك مجالٌ لتحريفِ الكتابِ عن مواضعِه.
لست هنا لأسردَ عليكم ملامحَ هذا الترابطِ بين الثورتين العظيمتين، ففي مذكراتِ ومقابلاتِ وشهاداتِ الثوارِ في شمالِ وجنوبِ الوطن الكثيرُ مما يُقال، ولكني هنا لأقولَ إن الثوارَ الحقيقيين ومعهم كلُ أبناء شعبِنا اليمني العظيم ذي الحكمة والبأسِ الشديد، يعرفون أن اليمن من صعدة حتى المهرة هي بلدٌ واحدٌ تحملُ الأهدافَ نفسَها والأوجاعَ نفسَها والتحدياتِ نفسَها، وأن من يريدُ تقسيمَ البلدِ لا يريدُ إلا مصلحتَه هو، لكن متى استقام لهؤلاء دولةٌ أو سلطة، لن يستقيمَ لهم شيء، نعم نمرُ بفترةِ ضعفٍ مؤقتة، لكنها لن تدوم. نعم لن تدوم.
لقد اندلعت ثورةُ الرابع عشر من أكتوبر في العام التالي لثورة ٢٦ سبتمبر، لم يكن هذا مصادفةً، لقد ضخت ثورةُ سبتمبر الروحَ الثوريةَ لأكتوبر وكانت المقدمةَ الطبيعيةَ لها، كما اندفع كثيرٌ من ثوارِ أكتوبر للدفاعِ عن ثورةِ السادسِ والعشرين من سبتمبر، لم تكن هذه مصادفةً تاريخيةً أيضا، إنه التجسيدُ الحقيقي لواحديةِ الثورةِ والتعبيرٌ عن الحلم المشتركِ والمصيرِ المشتركِ الذي عاشه الشعبُ اليمني كلُه في الشمالِ والجنوب، هذا الترابطُ والتعاضدُ بين ثوار سبتمبر وأكتوبر كان باختصار تعبيرا عن الإيمان باليمن الواحدِ والكبير، لأن اليمنَ الواحدَ والكبيرَ لا تنكسرُ فيه جمهورية، ولا تُنتهكُ فيه السيادةُ الوطنية، ولا يُمسُ ترابُه أو ثرواتُه.
نعم ندافعُ عن اليمن الواحدِ الكبيرِ الجمهوري الديمقراطي الذي يتساوى تحت لوائِه اليمنيون، ندافعُ عنه بكل فخرٍ وعزةٍ وشموخ.
أكتوبر ذكرى عظيمةٌ في نظر الذين يرون اليمن كبيرا وعظيما، أما الذين يقايضون على البلد، فإن احتفالَهم بأكتوبر هو احتفالٌ مزيف، أكتوبر ذكرى الاستقلال، معنى الاستقلال، وليس معنى التبعيةِ والتسليمِ للمحتل.
أبناءَ شعبِنا العظيمِ في كل مكان..
ما أحوجَنا في هذه اللحظاتِ لاستلهامِ روحِ ثورةِ الرابع عشر من أكتوبر، فالبلادُ فقدت سيادتَها وقرارَها الوطني، وهو أمرٌ ينبغي رفضُه بكلِ السبل، مهما كانت تبعاتُ ذلك.
المهمةُ الأولى التي تقعُ على عاتقنا جميعا، هي رفعُ الاحتلالِ والوصايةِ السعودية الإماراتية عن بلدِنا. نحن أدرى بمصلحتِنا من أي جهةٍ خارجية. علينا المضيُ في نفسِ الوقتِ لإسقاطِ الانقلابِ الحوثي وما أحدثه من خرابٍ وفوضى في البلاد، الانقلابِ الذي فتح أبوابَ جهنم على شعبِنا. أيُ جهودٍ في سياقِ وضعِ حدٍ للحربِ ينبغي أن تأخذَ بعينِ الاعتبارِ حفظَ المكتسباتِ الوطنيةِ وفي مقدمتها الجمهوريةُ والوحدةُ والمواطنة والحرياتُ والمشاركةُ السياسية وحقُ الانتخاب وحقُ التعبير.
عندما نمتلك قرارَنا يمكنُ أن ننهيَ هذه الحربَ وهذا الانقلابَ في غضونِ أسابيعَ أو شهور، وهو ما سنفعله لأن إرادةَ شعبِنا أقوى من أيِ احتلالٍ أو انقلاب أو أيِ نظامٍ أمنيٍ أو عسكري. المهم أن نملكَ قرارَنا، ليكن عنوانُ نضالِنا في المرحلة المقبلة هو تحريرُ القرارِ اليمني من الوصاية. هذه نقطةُ الارتكاز لأيِ تغييرٍ في واقعِنا المؤلم.. لن نتمكنَ من إسقاطِ كلا الاحتلالين الداخلي والخارجي دون قرارٍ يمني حر ومستقل.
ختاما، أردت في هذه الكلمة أن ألقيَ تحيةً على ثورة الرابع عشر من أكتوبر، مذكرةً بهدفِها الأساسي وهو الاستقلالُ وطردُ المحتل، ومن الوفاء أن نكونَ مخلصين لهذه الثورة الخالدةِ ولأهدافِها للأبد. لا مصالحةَ مع محتل، ولا خضوع لإرادتِه، فاليمنُ بلدٌ مستقلٌ وسيادتُه ليست أمرًا يحتملُ المساومة.
المجد لثورة الرابع عشر من أكتوبر المجيدة..
الرحمة والخلود لشهدائها الأبرار
النصرُ لليمن، كلِ اليمن