حمل مجلس شباب الثورة، أطراف المحاصصة وحكومة الوفاق مسؤولية ما يعصف بالبلاد من أزمة حادة أفسحت المجال أمام المليشيات المسلحة المهددة للسلم الاجتماعي والتي تزج بالشعب في أتون حرب طائفية وأهلية بغية منازعة الدولة على مناطق وسيطرتها ونفوذها.
جاء ذلك في مؤتمر صحفي عقده المجلس أمس للوقوف على مستجدات الأحداث الراهنة والمبادرات المطروحة الأخيرة ورؤيته لحل الإشكاليات الحالية.
وأوضحت سارة اليافعي في البيان الصحفي للمجلس أن بقاء أسلحة المليشيات وزيادة سيطرتها وتوسعها ينذر بتعطيل نصف استحقاقات المرحلة الانتقالية المنصوص عليها في المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية أو في وثيقة مخرجات مؤتمر الحوار الوطني.
واضافات توكل كرمان - المنسق العام للمجلس - في المؤتمر الصحفي أن أي برنامج حكومي للتغيير في الحاضر أو المستقبل لن يكتب له النجاح إن لم يبدأ بالنص على بسط سيطرة الدولة على كامل التراب الوطني وعلى سحب أسلحة المليشيات والجماعات وكفالة الرشد والنزاهة ومكافحة الفساد وفق مهام محددة ومزمنة بدقة تلتزم الحكومة بتنفيذها.
واكدت كرمان على أن أي تشكيل وزاري يجب أن يستثني تماماً جماعة الحوثي المسلحة طالما لم تتحول الى حزب سياسي وتتخلى عن العنف وتسلم أسلحتها والمناطق التي تسيطر عليها، واقترح المجلس بأن يكون تشكيل الحكومة القادمة بناء على الكفاءة وليس المحاصصة التي تتحمل وزر فشل العملية الانتقالية.
ويرى المجلس أن على رئيس الجمهورية اختيار الأشخاص الذين يتسلمون حقائب الوزارات السيادية بنفسه.
كما دعا المجلس إلى أن يكون شخص رئيس الحكومة القادم رجلا اقتصاديا يتمتع بخبرة إدارية وحنكة اقتصادية، يكون من أولى مهامه: تشكيل لجنة عسكرية برئاسته تتولى التفاوض مع جماعة الحوثي وتلزمها بتسليم سلاحها للدولة، والتخلي عن المناطق التي تستولي عليها.
بالمقابل استنكر المجلس الدفاع عن مستوطنات الفساد تحت أي مزاعم كما شدد بالوقت عينه على وجود إمكانية للخروج من هذا المأزق في حال التزمت كل القوى السياسية بمسؤوليتها الوطنية التي تطلبها اللحظة الراهنة.
نص البيان الموزع في المؤتمر الصحفي:
وقف مجلس شباب الثورة السلمية أمام المخاطر التي تكاد تعصف بالوطن وتقوض الدولة والمجتمع وتنذر بتحطيم كل طموحات شبابه بالتغيير وتودي بتضحياتهم، وما وصلت إليه العملية الانتقالية من مأزق خطير يكاد يؤذن بانهيارها نتيجة لفشل متعدد في كل الاتجاهات:
فشل اقتصادي، وفشل في مكافحة الفساد، وفشل في بسط نفوذ الدولة وإنهاء الصراعات وفض الاشتباكات وسحب أسلحة المليشيات والجماعات المسلحة حتى أفاق شعبنا بعد ثلاث سنوات من بدء المرحلة الانتقالية على نتيجة مؤلمة ومروعة للغاية بأن:
مليشيات مسلحة تستولي على أكثر من محافظة وتحاصر مداخل العاصمة وتشرع في اقتحامها، وسلطة تمضي لمعالجة فشلها المتعدد الأوجه الذي أوصل البلاد إلى حافة الانهيار وإلى إفلاسها وعدم قدرتها على دفع رواتب الموظفين إلى رفع أسعار المشتقات النفطية دون أي إصلاحات مرافقة أو سابقة.
مضت مدة الفترة الانتقالية المنصوص عليها في المبادرة والمقدرة بسنتين دون إنجاز أي شيء من استحقاقاتها، كما أن الفترة الثانية من المرحلة الانتقالية تكاد توشك على الانتهاء وكذلك دون إنجاز أي شيء من الاستحقاقات السابقة واللاحقة المنصوص عليها في وثيقة مخرجات مؤتمر الحوار.
بالعودة الى وثائق العملية الانتقالية سنجد أن استحقاقاتها واضحة للغاية للجميع، كما في الآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية، أو كما وردت بشكل مفصل في وثيقة مخرجات مؤتمر الحوار الوطني وهي بمجملها تدور حول عدة استحقاقات بالغة الوضوح، ابتداء من اتخاذ الإجراءات وإصدار التوجيهات والتعليمات المختلفة إلى كافة مؤسسات الدولة وإداراتها بما يكفل أداءها على نحو رشيد ونزيه ومكافحة فاعلة لكل حالات الفساد بما يضمن إحداث انتعاش اقتصادي وتحسين في الظروف المعيشية للمواطنين، إلى ضمان الأمن والاستقرار من خلال فض الاشتباكات وإنهاء انقسام الجيش وتوحيده وبنائه على أسس وطنية، وضمان حرية تنقل المواطنين وبسط سيادة الدولة وسيطرتها على كامل التراب الوطني وسحب أسلحة المليشيات والجماعات والأفراد الثقيلة والمتوسطة بما يكفل مزاولة الدولة لحقها الحصري في امتلاك السلاح واستخدامه، وإلى اتخاذ الإجراءات وإصدار التعليمات المختلفة إلى كافة إدارات الدولة ومؤسساتها الأمنية والعسكرية والمدنية باحترام حقوق الإنسان وعدم مزاولة أي انتهاكات تطال الحقوق والحريات، فضلا عن اتخاذ الإجراءات الكفيلة بالتحقيق والمساءلة عن جرائم حقوق الإنسان التي ارتكبت خلال الفترة الماضية بما يكفل تحقيق العدالة والإنصاف ويضمن عدم تكرارها في الحاضر والمستقبل، وتطوير النظام السياسي وبناء مؤسساته الديمقراطية بما يكفل حكما ديمقراطيا حديثا يتم تداول السلطة فيه عبر الانتخابات.
تلك هي استحقاقات العملية الانتقالية المنصوص عليها بدقة في الآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية مثلما نصت عليها مخرجات مؤتمر الحوار الوطني بصورة أكثر تفصيلا.
إن مجلس شباب الثورة السلمية يرى أن جوهر المشكلة العميقة التي وصلت إليها البلاد والتي تكاد تعصف بسلامها الاجتماعي وتقوض الدولة وتزج بالشعب في أتون حرب طائفية وأهلية متعددة يكمن في:
1- المحاصصة والتقاسم في الحكومة التوافقية بين أطراف متصارعة منقسمة لا تتوافق على شيء فكانت النتيجة فشلا متعدد الأوجه من الفشل في ضمان الرشد والنزاهة إلى الفشل في مكافحة الفساد في المؤسسات العامة، فضلا عن فشلها في بسط سيادة القانون ونفوذ الدولة وسيطرتها على كامل البلاد؛ هذه الحكومة ممثلة بأطرافها وليس بأشخاص أعضائها الذين ينفذون إرادة الأطراف التي يمثلونها فحسب، لقد أدى الصراع والانقسام بين أطراف الحكومة التوافقية الى تحول شرط التوافق في اتخاذ قرارات الحكومة من قوة كبيرة كما يفترض لإنجاز الاستحقاقات والتغلب على أي صعوبات أو معيقات إلى قوة عكسية كبيرة تعطل السير لإنجاز أي استحقاقات أو إيقاف أي تدهور.
2- المليشيات المسلحة في طول البلاد وعرضها والتي استغلت ضعف الدولة وذهبت لمراكمة سلاحها ومنازعة الدولة السيطرة والنفوذ فراحت تبسط نفوذها على مناطق في البلاد تتسع مع مرور كل يوم من الفترة الانتقالية حتى غدت جحافلها المسلحة تحاصر العاصمة ويجوب مسلحوها شوارعها وساحاتها متوعدين بخيارات مزعجة وغير مزعجة، يمكن القول إن بقاء أسلحة المليشيات وزيادة سيطرتها وتوسعها ينذر بتعطيل نصف استحقاقات المرحلة الانتقالية المنصوص عليها في المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية أو في وثيقة مخرجات مؤتمر الحوار وتعطيل نصف الاستحقاقات مبرر وحجة كافية لتعطيل الالتزام بتنفيذ النصف الآخر. إن الحروب وتوسع المليشيات المسلحة لم يسقط هيبة الدولة فحسب، بل ومنح تلك المليشيات مزيدا من القوة والهيبة حتى خُيل للناس أنها أقوى من الدولة وأن عليهم اتقاء بأسها والطمع برضاها، لقد حطمت المليشيات المسلحة الطموحات بالتغيير أو تكاد.
لقد أدى عبث المليشيات المسلحة ورؤية جموعها عبر وسائل الإعلام المختلفة وهي تجوب بأسلحتها المختلفة في ضواحي العاصمة وفي عواصم أكثر من محافظة إلى نسف سمعة اليمن وصورتها الرائعة التي اكتسبتها بفعل الثورة السلمية، وتحويل نظرة العالم إليها من دولة تستحق الاحترام وجديرة بالشراكة والثقة إلى دولة فاشلة تحكمها العصابات والمليشيات.
لقد هيأت ثورة التغيير السلمية الظرف التاريخي الملائم ليتخلى الجميع عن السلاح، لكن عبث المليشيات وتوسعها زاد من الحاجة لدى القبائل والجماعات والأفراد لمراكمة السلاح، كما خلقت قناعة لديهم بخطورة التخلي عنه وراحت تراكمه وتتمنى وتطمح في أن تمتلك المزيد وهي ترى مليشيات الحوثي المسلحة تتوسع وتحقق مزيدا من النفوذ.
لقد بات واضحا أن أي حكومة يتم تشكيلها بصورة توافقية بين أطراف متصارعة تحت أي مسمى، سيكفل شرط التوافق تعطيلها وإفشالها تماما، ويمكن الحكم مقدما عليها بالفشل فستعمل هذه الأطراف على نقل صراعاتها وخلافاتها إلى الحكومة فتتعطل وتفشل في إنجاز أي استحقاقات.
إن أي برنامج حكومي للتغيير في الحاضر أو المستقبل من قبل أي حكومة لن يكتب له النجاح إن لم يبدأ سطوره الأولى بالنص على بسط سيطرة الدولة ونفوذها على كامل التراب الوطني، وعلى سحب أسلحة المليشيات والجماعات وكفالة الرشد والنزاهة ومكافحة الفساد وفق مهام محددة ومزمنة بدقة تلتزم الحكومة بتنفيذها ما لم سيكتب لها الفشل وستنجز فقط فشلا مضاعفا أكثر من سابقتها.
وعليه فإن مجلس شباب الثورة السلمية يؤكد على:
- أن أي حكومة قادمة يتم تشكيلها يجب أن لا تشارك فيها جماعة الحوثي المسلحة أو أي جماعة مسلحة أخرى، وأن لا تشارك في أي حكومة قبل أن تتحول إلى حزب سياسي، وتتخلى عن العنف وتسلم ما لديها من أسلحة للدولة وتتخلى عن المناطق التي تسيطر عليها.
- أن تكون حكومة كفاءات خالصة يتم اختيار أعضائها بناء على معايير الكفاءة والنزاهة والتخصص والخبرة، دون أن تكون خاضعة للمحاصصة ولا التقاسم ولا تدخلات الأطراف السياسية، والسبب أن المحاصصة والتقاسم الذي مارسته الأحزاب المشاركة في الحكومة الحالية مسؤولة عن أي فشل أو قصور في أداء الحكومة وعن أي فساد زاولته أو لم تكافحه. هذه الأحزاب مسؤولة كمكونات وليس بأشخاص ممثليها في الحكومة، فهم فقط يعبرون عن إرادة الأحزاب التي اختارتهم ليمثلوها وفي حال دخولها في محاصصة جديدة في الحكومة القادمة ستكون النتيجة ذات النتيجة.
وعليه، فإنه في حال تم تشكيل حكومة بصورة مخالفة لشكل الحكومة في المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية فإن مجلس شباب الثورة يدعو الرئيس هادي إلى اختيار رئيس الحكومة ووزراء الوزارات السيادية المالية والدفاع والداخلية والخارجية، كما أن عليه التشاور مع المؤتمر والحراك الجنوبي وبقية المكونات لاختيار بقية أعضاء الحكومة من الأقوياء الأكفاء الأكثر مهارة ونزاهة، ممن يدينون بالولاء للحكومة وبرنامجها لا للمكونات التي تم التشاور معهم بشأن اختيارهم لعضوية الحكومة، كما أن عليه أن يتولى التشاور بخصوص المقاعد المحددة للتشاور بشأنها في عملية اختيارها مع جماعة الحوثي مع شركائهم من القوى السياسية بدلا عن مليشيات الحوثي، حيث سبق لهم إعلان عزمهم عدم المشاركة والتنازل عن مقاعدهم لشركائهم السياسيين من جهة، ولعدم الوقوع في خطيئة إشراك المليشيات المسلحة في الحكومة قبل تحولها إلى جماعات سياسية من جهة أخرى.
- يرى مجلس شباب الثورة أن تشكيل الحكومة على نحو ما ذكر أعلاه يوفر الحد الأدنى من الشروط لكي تكون حكومة ناجحة تقوم بواجبها في إنجاز الاستحقاقات التي عجزت الحكومة الحالية عن إنجازها، ولكي تتولى كفالة الرشد والنزاهة ومكافحة الفساد وإصلاح الاقتصاد وتنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار، وتطبيق سيادة القانون والحقوق والواجبات المتساوية لجميع المواطنين في جميع الأراضي اليمنية.
ويؤكد أنه إذا كان سيتم تشكيل الحكومة بصورة مخالفة لشكل المبادرة الخليجية فإن تشكيلها على هذا النحو يجعلها تنسجم مع جوهر المبادرة وآليتها التنفيذية وهو المسوغ الوحيد المقبول والمبرر لعملية تشكيل الحكومة بصورة لا تتطابق مع خطوات تشكيلها وفق ما تضمنته الآلية التنفيذية للمبادرة.
- يدعو المجلس في هذا السياق إلى أن يكون شخص رئيس الحكومة القادم رجلا اقتصاديا يتمتع بخبرة ودراية كبيرتين في الاقتصاد وعوامل ازدهاره، وأسباب ضعفه وتدهوره وتقنية مكافحة الفساد وآليات كفالة الرشد والنزاهة في مؤسسات الدولة.
-يرى المجلس ألا تشمل الحكومة الجديدة أحدا من الذين شاركوا في صياغة المبادرة الوطنية الرئاسية ولا ممن شاركوا في التفاوض واللقاء بجماعة الحوثي لضمان النزاهة وعدم تضارب المصالح واتقاء تحميل البلاد كلفة أي اتفاقات أو تعهدات سرية تم قطعها لأي طرف بطريقة غير معلنة، كما يدعو المجلس بأن لا يكون شخص رئيس الوزراء أحد الذين شاركوا في الحوار أو ساهموا في صياغة ضماناته وآلياته لذات الأسباب، وخشية الوقوع في تضارب المصالح ولضمان الاستقلال والحياد والوقوف على مسافة متساوية من جميع الأطراف.
- تشكيل لجنة عسكرية جديدة برئاسة رئيس الحكومة تتولى التفاوض مع جماعة الحوثي المسلحة وإلزامها بتسليم سلاحها للدولة، والتخلي عن المناطق التي تستولي عليها، وتحولها الى جماعة سياسية، وعليه أن يفعل ذلك مع كل جماعة تمتلك أسلحة ثقيلة ومتوسطة وتنازع الدولة السيادة على بعض المناطق.
- تغيير القرار الجمهوري الخاص بإنشاء الهيئة الوطنية للرقابة على تنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار وإعطاؤها صلاحيات كافية لأن تقوم بالمتابعة والرقابة الكاملة والكافية، بحيث يكون بإمكان الأطراف السياسية والمكونات المختلفة متابعة السلطة الانتقالية والرقابة عليها من خلالها.
- أخيرا، يرى مجلس شباب الثورة السلمية أنه بالرغم من قتامة وضبابية اللحظة الراهنة إلا أن هناك فرصة وفرصة كبيرة، لإعادة الأمور إلى نصابها، فلم يعد مقبولا الاستمرار في سياسات فاشلة والدفاع عن مستوطنات الفساد تحت أي مزاعم، كما لم يعد مقبولا أن تظل الدولة ومؤسساتها ومبدأ سيادة القانون على هامش حياة المواطنين، فيما جماعات العنف والنفوذ العائلي تقوم بالاستيلاء على كل شيء.
مجلس شباب الثورة السلمية
صدر بتاريخ 4/9/2014